لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
الفتاوى الرمضانية
42833 مشاهدة print word pdf
line-top
الحثّ على التباكي في المساجد في شهر رمضان

السؤال:-
     لقد انتشرت في المساجد في شهر رمضان ظاهرة البكاء بصوت عال، يصل إلى حدّ الإزعاج، وتجاوز بعض الناس حدّ الاعتدال، وأصبحت هذه الظاهرة عادة عند بعضهم ألفوها، فهم يتباكون لبكاء الإمام، أو المأمومين من دون تفهّم وتدبّر، فهل ورد في السنة الحثّ على التباكي؟ وما الفرق بين التباكي والخشوع الكاذب؟ هل من توجيه للأئمة المكثرين من البكاء، حيث يُخشى عليهم أن يداخل الرّياء أعمالهم، ويزيّن الشيطان لهم فتختلف النّية؟
الجواب:-
     البكاء مسنون عند سماع القرآن، وعند المواعظ والخطب ونحوها، قال - تعالى - إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (مريم:58) .
وروى أهل السنن عن عبد الله بن الشخير قال: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلي، وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء فإذا حصل البكاء في الصلاة لم تبطل إذا كان من خشية الله، وكذا عند سماع القرآن، حيث إنه يغلب على الإنسان، فلا يستطيع رده، ولكن لا يجوز التكلّف في ذلك برفع الصوت عمدا ، كما لا يجوز المباهاة بذلك، وقصد الشهرة بين الناس، فإن ذلك كالرّياء الذي يُحبط الأعمال، كما ورد في الحديث: من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به .
     وهكذا لا يحسن البكاء تقليدا للإمام أو لبعض المأمومين، وإنَّما يُمدح إذا كان من آثار الخشوع، والخوف من الله -تعالى- وقد ورد في الحديث: اقرأوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا والتباكي هو تكلّف البكاء ومحاولته دون خشوع غالب دافع عليه، وأما الخشوع الكاذب فهو ترك الحركة، وسكون الأعضاء، دون حضور القلب، ودون تدبُّر وتفهم للمعاني والحالات.
 وعلى الأئمة وكذا المأمومين محاولة الإخلاص، وصفاء النيّة، وإخفاء الأعمال، ليكون ذلك أبعد عن الرياء الذي يُحبطها، فإن كثرة البكاء بدون دافع قوي، وتكلف التخشّع، ومحاولة تحسين الصوت وترقيقه ليكون مثيرا للبكاء، ليُعجب السامعون والمأمومون به، ويكثر القاصدون له، دون أن يكون عن إخلاص أو صدق، هو مما يُفسد النيّة، ويُحبط الأعمال، وقد يطلع على ذلك بعض من يسمعه. والله علاّم الغيوب.

line-bottom